خمسة عوامل أساسية لبناء بيئة تعلّم تشاركيّ حاسوبي فعال

التقنية الناشئة وتكنولوجيا التعليم September 25, 2015
يندرج هذا المقال ضمن سلسلة من ثلاثة مقالات كتبها الدكتور علي الموسوي لموقع وايز وناقش فيها موضوع التعلّم التشاركي الحاسوبي من حيث إيجابياته وخصائصه، كيفية تقويمه وتطبيقه عارضا فيها العوامل الأساسية لبناء بيئة تعلّم تشاركيّ حاسوبيّ فعّال. لقراءة المقال الأوّل إضغط هنا.
————————————————————————————————————–
تشير بعض البحوث التي أجريت على بيئات التعلم التشاركي الحاسوبي أن هذا النوع من التعلم من الممكن أن يشجع على التنافس خاصة وأن العديد من المؤسسات التعليمية تتسابق لاسترضاء المتعلم من حيث تعدد طرح المقررات وتنوعها. وتدعو هذه البحوث إلى إيجاد قاعدة قوية للتعاون لبناء تعلم تشاركي مجد اقتصاديا وفعال من حيث نوعيته الأكاديمية.
 
ومن بين البحوث التي أجريت في البيئة الخليجية بحث قمت  بإجرائه بالتعاون مع الباحث بوركارو في عام 2011. وكان من نتائج هذا البحث أن العديد من الطلاب شاركوا في مناقشات المقرر، وأنشأوا حلقات دراسية ساعدتهم على تصميم وبناء المعرفة التشاركية على الإنترنت؛ مع تعمق في النقاشات، واستخدام أفضل لأدوات التعلم التشاركي الحاسوبي مع زملائهم الطلاب، والردود على التعيينات الدراسية. وبالرغم من ذلك، فإن بناء المعرفة التشاركية عبر الإنترنت حدثت في البداية بين عدد أقلّ من الطلاب، حيث بدت صعوبة لدى الطلاب الآخرين في استخدام الأدوات وتوظيفها في بناء المعرفة. ولكن مع التقدّم في التطبيق الميداني، فقد أفاد الطلاب بارتياحهم لتطبيق التعلم التشاركي الحاسوبي في التدريس، مشيرين إلى اكتسابهم لمهارات: التفكير الإبداعي وإدارة الوقت والتفاعل الاجتماعي بشكل رئيس حيث تم تضمينها في جميع جوانب مشاريع التطبيق الميداني. كما لاحظنا بأن التشارك بين الطلاب جعلهم متحمسين للتعلم، خاصة عندما اقترن بالتفاعل على الإنترنت واستخدام المصادر الالكترونية. وأن تبسيط أدوات الإنترنت للطلاب، أدى إلى زيادة مشاركة العديد من المجموعات الطلابية في مناقشة المشاريع على الإنترنت.
 
وقد نجحنا في بحثنا هذا في التعرّف على مجموعة من العوامل التي قد تؤدي إذا ما أحسن توظيفها إلى زيادة أثر التعلم التشاركي الحاسوبي في الطلاب. فما هي هذه العوامل؟ وكيف يمكن توظيفها لضمان رفع فاعليةّ التعلّم التشاركي الحاسوبي؟
 
العامل الأول: الأصالة
إنّ بناء المقررات على مبادئ نظرية سليمة يسهم بشدة في نجاح تطبيق التعلم التشاركي الحاسوبي. ومن تلك المبادئ التي ينبغي الحفاظ عليها:
  • المرونة من حيث التأكيد على النشاط، والتفكير، والتشارك، والتفاعل الاجتماعي.
  • الاستعانة بفرق من الخبراء لاستعراض تصميم المقررات بناء على البحوث العلمية الحالية ونظريات التعلم.
  • تطبيق هذه المبادئ النظرية من قبل المعلم الذي يجب أن يربط بين هياكل المعرفة وأن يعطي التعليقات والارشادات والتوجيهات الضرورية لبنائها، وأن يحفز الطلاب ويشجعهم على التواصل والمناقشة، وأن يشعرهم بالحرية في التفاعل، ويقلّل من مخاوفهم، وأن يقوم بالاستجابة بصفة متكررة للمناقشات على الإنترنت بطرح الأسئلة، وتوفير التغذية المرتدة في جميع مراحل عملية التعلم.
  • توضيح دور الأدوات المستخدمة في التعلم، مثل: المدونات والموسوعات الالكترونية خاصة في حال كونها جديدة لأنها تحتاج إلى فهم أكثر ووضوح في كيفية وأسباب استخدام الطلاب لها.
  • المشاركة المتكافئة من قبل كافة أعضاء المجموعة في المناقشات والتعيينات والمشاريع والحد من أثر الطلاب الذين لا يسهمون في مشاركات مجموعاتهم. وقد لوحظ أنه بالرغم من المشاركات غير المتكافئة أحيانا فإن وجود رئيس قوي للمجموعة يساعدها في إنجاز المهام في الوقت المحدد ويحفز الآخرين عادة ما يحقق نجاحا أفضل لأدائها.
  • تشجيع الطلاب على تكوين مجموعات في شكل أقران ونظراء لبناء العلاقات البينية وتطويرها من بداية الفصل الدراسي؛ ويسهم هذا في إيجاد تعاون أفضل على مدى الفصل الدراسي بأكمله، وإن المجموعات التي تحقق أفضل المناقشات والنتائج في مشاريعها هي تلك التي تتألف من طلاب عملوا معا من قبل وكانوا في وضع مريح مع بعضهم بعضا.
 
العامل الثاني: المعلم
إن دور المعلم في التعلم التشاركي الحاسوبي دور في غاية الأهمية، ويتوقف إنجاح دوره في هذا النوع من التعلم على:
  • الالتزام بالمبادئ التشاركية لبناء المعرفة.
  • القدرة على إنشاء علاقات في المجموعات وبينها تستند إلى أقران ونظراء للطلاب الأعضاء.
  • تحفيز وإثاره حماس الطلاب.
  • مساعدة الطلاب على الشعور بالراحة في التعبير عن أنفسهم بحرية.
  • رصد أعضاء المجموعات؛ والتنقل كثيرا بين المجموعات ومناقشة التقدم الذي أحرزته كل مجموعة.
  • تزويد الطلاب بالتغذية المرتدة على الأدوار التي يضطلعون بتأديتها في مشاريعهم.
  • إعطاء التغذية المرتدة والدعم في المناقشات عبر الإنترنت.
 
العامل الثالث: كفاءة المقرر
للحكم على كفاءة المقرر في التعلم التشاركي الحاسوبي، فإن علينا أن ننظر فيما إذا كان قد أسفر عن النتائج المستهدفة في تصميمنا له. وهذا يعني دراسة مسار عملية التعلم واستقصاء المعارف والمهارات التي اكتسبها الطلاب، وكيفية قيامهم ببناء المعرفة في المسار التشاركي. وعلى المعلم:
  • التأكد بأن عمليات التعلم بما تتضمنه من مشاريع وأنشطة ذات صلة وثيقة بحياة الطلاب المهنية المقبلة. مما يشعر الطلاب بمتعة التعلم، وفائدته الكبرى لهم ولمستقبلهم.
  • بالنسبة للمعارف المكتسبة من المقرر، فإن الطلاب في حاجة إلى أساليب وعمليات وأفكار محددة، يتعلمونها في المقرر ليشعروا بأنها ستكون مفيدة لهم في حياتهم المهنية، ويبدؤون بتغيير فهمهم للتعليم والتعلم، من الحفظ والتلقين إلى المناهج التربوية البنائية، ومن اكتساب المعرفة إلى خلق المعرفة البنائية. ومن تلك المعارف: مبادئ تصميم رسوم معينة، أو خطوات مَنتَجَة البرمجيات أو تصميم مجموعات الوسائط المتعددة، والمفاهيم والنظريات والآراء، وتقديم الأدلة من مجموعة متنوعة من المصادر الالكترونية والتقليدية ذات الصلة بالدرس.
  • إضافة إلى إكساب الطلاب المهارات الاجتماعية والفكرية، مثل: المهارات القيادية، ومهارة تصميم المجموعات، وإدارة الوقت، وتقديم الآراء والأفكار والمقترحات، والقدرة على التفاوض، واتخاذ القرار، والتحليل الناقد، وحل المشكلات.
  • إكساب الطلاب المهارات التقنية، مثل: استخدام أدوات الانترنت كرسائل البريد التشاركي، ونصوص الرسائل القصيرة، والرسائل الفورية، للرد على الأسئلة التي يطرحها الطلاب على صفحات الموسوعات الالكترونية الشخصية أو في قسم التعليقات، أو أية وسائل أخرى يراها المعلم مهمة للعمل الجماعي التشاركي.
 
العامل الرابع: الجوانب التقنية
يتطلب التعلم التشاركي الحاسوبي دعما تقنيا عاليا كونه مدعوما بالحاسوب وشبكة الانترنت ويتم في بيئتهما، وينبغي النظر في العناصر التالية لضمان هذه الجوانب قبل تصميم المقررات في هذا النوع من التعلم:
  • البنية التحتية التشاركية:
  1. توفير مساحة على شبكة الإنترنت ليتم تشارك الأفكار بين الطلاب من الجنسين.
  2. السماح للطالب بالحفاظ على هويته، أو اختيار اسم مستعار.
  3. توفير مساحات على النظام الالكتروني للمجموعات لمناقشة عملها في مواقع افتراضية خاصة.
  4. تسجيل الطلاب وتمكينهم من الدخول إلى موقع على شبكة الإنترنت، والإدلاء بتعليقات على مدونة.
  5. توفير وقت للمعلم لضمان الإجابة على كل الاتصالات والمحادثات وتدقيقها بصورة مدروسة.
  • البنية التحتية التكنولوجية:
  1. توظيف أدوات الكترونية سهلة الاستخدام، أو مألوفة للطلاب مثل: لوحات مناقشة النظام الالكتروني، والمدونات، والموسوعات الالكترونية.
  2. توصيلات الإنترنت البطيئة والمتقطعة تشكل إحباطا لبعض الطلاب، فلابد من إنشاء البنية التكنولوجية التحتية بصورة فعالة والتخطيط لإيصال انترنت ذات سرعات عالية؛ وبشكل مرن يتوافق مع الوقت والزمان والكيفية التي ينوي الطلاب استخدام الأدوات بها.
  3. إعداد العدد الكافي من الحواسيب اللازمة الصالحة للاستخدام.
  4. توفير مختبرات الحاسوب بعد ساعات الدوام في الحرم الجامعي للطلاب القاطنين داخل وخارج الحرم الجامعي لتمكينهم من التشارك.
  5. ضمان تزويد المختبرات خلال ساعات التشغيل بموظفي الدعم المهرة وتقديم الدعم التقني للأنظمة التعليمية الالكترونية لتصميم التعلم التشاركي الحاسوبي وصيانته.
 
العامل الخامس: الجدوى
لكي يكون التعلم التشاركي الحاسوبي مجديا، فإنه:
  • سيحتاج المعلمون والطلاب إلى مرونة أكبر في تبني تقييمات بديلة لازمة لهذا النوع من التعلم إذ أن طرق التقييم التقليدية قد لا تكون مفيدة.
  • في حالة وجدت صعوبات في ترتيب أوقات الاجتماعات المناسبة نتيجة تضارب جدول المحاضرات اليومية، أو صعوبة الاتفاق على أماكن للتعاون خارج الصفوف خاصة في حالة كان العديد من الطلاب يعيشون خارج الحرم الجامعي ولا يتمكنون من العثور على مكان أو وقت مناسب للتعاون بشأن مشاريعهم فإنّ التشارك عبر الإنترنت بشكل غير متزامن إجابة على بعض من هذه المشاكل.
  • ينبغي تفادي القيود التقنية  مثل المشاكل الناشئة عن تدني سرعات الإنترنت أو الاتصالات. خاصة وأن عددا من الطلاب القاطنين خارج الحرم الجامعي قد تكون لديهم صعوبة في النفاذ إلى شبكة الإنترنت لأسباب مختلفة. كما ينبغي تفادي مشاكل إضافية قد تشمل مختبرات أجهزة الحاسوب المعطوبة أو المحملة بالفيروسات، أو محدودة البرمجيات، أو المقيّدة بساعات العمل.