اللاجئون السوريون في الأردن: حياة خفية وصراع من أجل البقاء على قيد الحياة

الوصول للتعليم والشمول May 09, 2016
تخيلوا الخيارات الصعبة التي يواجهها النازحون واللاجئون: هل نستمر في العيش في سوريا في مثل هذه الظروف؟ ام هل نلجأ الى دول الجوار؟ هل سنتمكن من اكمال تعليم الأولاد والبنات ام هل نشجعهم على العمل لمساعدتنا في تكاليف الحياة؟ من بضع التذكارات التي حملناها من الوطن، والأثاث البسيط الذي أعطتنا إياه الوكالات الإنسانية، ما الذي علينا عمله لدفع فاتورة الطعام لهذا الشهر؟ هل نبيع السخان، أم خاتم الزفاف؟ هذه قرارات حقيقية، تمثل نوع القرارات التي على اللاجئين اتخاذها كل يوم. وفي الكثير من الحالات، لا يتمكن السوريين من اكمال تعليمهم وها نحن امام خطر حقيقي يتهدد جيلاً بأكمله من الأطفال والشباب، والذين يمثلون الاستثمار الأكثر أهمية لمستقبل سوريا. مما يستدعي تضافر كافة الجهود وتواجد منظمات إنسانية على واقع الأرض، كمنظمّة “كير” العالمية، لمواجهة هذه التحديات وتمكين الشباب والنساء والأطفال الذين يعيشون في المخيمات.

بدأت منظمة كير عملها عام 1945 في الولايات المتحدة الأمريكية وذلك لمساعدة ضحايا الحرب العالمية الثانية في اوروبا، وذلك بارسال الطرود المحتوية على المواد الغذائية وغير الغذائية. حاليا تعمل كير في اكثر من 95 بلدا حول العالم، وفي عام 2015 نفذت كير 890 مشروعا حيث قدمت المنظمة المساعدة لأكثر من 65 مليون شخص في عدة مجالات تضمنت تقديم المساعدة في وقت الطوارئ، تقديم الخدمات الصحية والتعليمية، تحسين الأمن الغذائي، التدريب المهني، تمكين المرأة اقتصاديا وغيرها من الخدمات.

وفي الأردن، بدأت منظمة كير عملها عام 1948 لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين هناك، وما زالت المنظمة تعمل في مجال الاستجابة في اوقات الطوارئ وذلك بهدف تمكين الأشخاص المتضررين من جراء الأزمات الإنسانية من حماية أنفسهم وأسرهم بصورة أفضل والحصول على المساعدة الإنسانية ذات الجودة العالية؛ كما ان المنظمة تعمل في مجال تمكين المرأة بهدف تمكين النساء والفتيات من تعزيز حقوقهن الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمدنية والثقافية ومصالحهن بصورة أفضل. يشمل هذا التمكين الاقتصادي للمرأة حيث تكون المرأة قادرة على كسب قوتها بصورة مستدامة وكريمة. ومحاربة العنف القائم على النوع الاجتماعي، وزيادة ممارسة النساء والفتيات لحقوقهن في المشاركة في صنع القرار في المجالين العام  والخاص وعلى كافة المستويات. بالاضافة الى هذا، فان المنظمة تعمل لتنمية وتمكين قطاع الشباب بالتركيز على الفتيات.       
خلال ال 68 عاما من عمر المنظمة في الأردن، فان كير تعمل مع اللاجئين والمجتمعات الأردنية المضيفة لتقديم افضل واجود الخدمات، حيث تتمثل مهمة كير في خدمة الأفراد والأسر في المجتمعات الأكثر فقراً في العالم، ضمن رؤية المنظمة في عالم تم فيه التغلب على الفقر ويعيش فيه كافة الناس بكرامة وأمن
وفي مجال الاستجابة في اوقات الطوارئ فان كير تنفذ برامج حماية في المناطق الحضرية في الأردن في عمان والزرقاء واربد والمفرق وبلدة الأزرق (المناطق الأكثر اكتظاظا باللاجئين السوريين)، بالاضافة الى تقديم الخدمات المجتمعية في مخيم الأزرق لللاجئين السوريين.

تجاوز ما تقدمه كير من خدمات إلى اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة في الأردن 320.000 شخصا، حيث تقدم كير المساعدة النقدية الطارئة لللاجئين بحيث يتمكنوا من دفع تكاليف المعيشة الأساسية، والتي تشمل الإيجار والدواء والغذاء. تساعد كير في توفير معلومات هامة حول كيفية وصول اللاجئين إلى المزيد من الدعم الصحي والقانوني والاجتماعي وتقديم المساعدة النفسية الاجتماعية إلى النساء والرجال والأطفال، بالاضافة الى التدريب المهني وانشاء المشاريع الصغيرة المدرة للدخل.

وسأركز في هذا السياق على برامج كسب العيش ومن ضمنها التدريب المهني في مخيم الأزرق، هذا المخيم الذي افتتح في 30 نيسان 2014 ويضم اكثر من 54.000 لاجئ سوري. حيث تتضمن برامج كسب العيش الأمور التالية:

  1. برنامج المكافأة مقابل العمل حيث تدير منظمة كير هذا البرنامج بالنيابة عن المنظمات العاملة في المخيم، ويتمثل في تسجيل بيانات وخبرات الأشخاص القادرين على العمل من السوريين في المخيم، وربطهم مع المنظمات التي تحتاج الى الأيدي العاملة داخل المخيم. وفي عام 2016 تم تسجيل 4709 شخص في قاعدة بيانات كير، حيث عمل 2280 منهم في المخيم خلال العام.
  2. برنامج التدريب المهني حيث بدأ هذا البرنامج عمله في 2016 بهدف تزويد المشاركين بالمهارات التقنية والفنية والاجتماعية التي تمكنهم من العمل والحصول على دخل مرض، في الأردن حاليا، وفي سوريا او اي بلد آخر في المستقبل، بالاضافة الى زيادة مشاركتهم الفاعلة في العجلة الاقتصادية في المخيم، وتحسين اوضاعهم النفسية عن طريق المشاركة في الأنشطة والتدريبات.

تقوم منظمة كير بتنفيذ برامج التدريب المهني في اربعة مراكز مجتمعية في مخيم الأزرق في الأربع قرى المأهولة حاليا في المخيم.
تتعدد مواضيع التدريب لتشمل الكمبيوتر، الخياطة، تجهيز الأغذية، التجميل، تصفيف الشعر، الحلاقة، الحرف اليدوية، صناعة العطور، الفنون، الحياكة، تصليح الهواتف النقالة، الاكسسوارات، وتصليح الأحذية. بالاضافة الى ذلك، شملت محتويات التدريب مسك الدفاتر وغيرها من المهارات التقنية اللازمة لإدارة الأعمال.
ومن الجدير بالذكر ان جميع المشاركين في الدورات يتم تزويدهم بأدوات ومواد أساسية تمكنهم من انشاء مشاريعهم المنزلية الصغيرة المدرة للدخل، فمثلا يتم التزويد بأدوات الخياطة للمشاركين في مجال التدريب على الخياطة، ومواد التجميل للمشاركين في دورات التجميل…).

هذا وقد تم تدريب 1271 شخص (نصفهم من النساء) من الشباب والشابات السوريين في الأزرق.

في حين يتم توخي الحذر عند تقديم مواضيع التدريب المهني بحيث تكون مقبولة بشكل عام للرجال والنساء، فاننا حريصون على ان لا نعزز القوالب النمطية القائمة على اساس النوع الاجتماعي، فالرجال والنساء أحرار في المشاركة في جميع الدورات التدريبية التي تقدم، وفقا لمصلحتهم وميولهم الخاصة.
نفذت بعض دورات التدريب المهني بالتعاون مع معاهد التدريب المعتمدة في الأردن حيثما كان ذلك ممكنا، بينما نفذ البعض الآخر من قبل منظمة كير، ونسعى الى اشراك السوريين انفسهم كمدربين ومدربات في الدورات التي تقدمها منظمة كير.

من أبرز التحديات التي نواجهها هو الدعم المالي لتنفيذ دورات التدريب المهني واعطاء المشاركين المواد والأدوات اللازمة والتي تمكمهم من العمل وكسب الرزق.
 
“امل امرأة من مخيم الأزرق ام لخمس أطفال، تلقت دورة في حياكة الصوف عن طريق منظمة كير، وعند الانتهاء من الدورة استلمت كمية من الصوف لتستعملها في حياكة الملابس. تعمل أمل الآن في هذه المهنة وهي قادرة على كسب العيش الكريم عن طريق بيع الملابس التي تحيكها.”
 
لا يمكننا، في المجتمع الدولي، أن نسمح بتحول الشباب والأطفال السوريين إلى جيل ضائع، يتربى في الحرمان ودون فرص. لا يمكننا أن نشاهد كيف يتحول الآلاف من اللاجئين بأمراض مزمنة وظروف صحية حادة إلى حالات طارئة حرجة. ولا يمكننا أن نسمح للأهالي بأن يرسلوا أولادهم إلى العمل بدلاً من المدرسة، ولا يمكننا أن نغض الطرف أكثر من ذلك. فبوسعنا ويتوجب عليها القيام بالكثير لمساعدتهم. 

للحصول على المزيد من المعلومات ، الرجاء الاتصال بسارة الرشدان: sara.rashdan@care.org