صندوق الأفكار

نبذة عن المشروع

أطلقت منظمة مكتبات بلا حدود مشروع صندوق الأفكار في عام 2013 كأداة للاستجابة الإنسانية، بهدف توفير المعلومات والتعليم والثقافة، ويعد المشروع مركزًا إعلاميًا متنقلًا يتم إنشاؤه على مساحة 100 متر مربع، ويمكنه استيعاب 70 شخصًا في المرة الواحدة و400 شخص في اليوم الواحد. يمتاز المركز الاعلامي بكونه مؤثثًا بالكامل مع تجهيزه بعازل ضد عوامل الطقس وتوفير جميع سبل الراحة وإمداده بمصدر خاص لتوفير الطاقة. ويقدم المركز أدوات تساعد في: التعلم (من خلال محتوى تعليمي يوفره مزود خدمة محلي دون الحاجة للاتصال بالإنترنت، فضلًا عن الكتب وأدوات القراءة الإلكترونية)؛ واللعب (عبر ألعاب وعروض سينمائية)؛ والتواصل (عبر شبكة الإنترنت، من خلال 30 حاسوبًا وجهازًا لوحيًا)؛ والإبداع (من خلال استخدام كاميرات وفنون وحرف ودمى ومسرح ونظام صوتي). يتم تشغيل المركز بشكل مباشر من قبل منظمة مكتبات بلا حدود أو شركاء لها، مثل المنظمات غير الحكومية الدولية أو المنظمات المحلية أو المؤسسات العامة مثل المكتبات وسلطات المدن، مع توفير هذه المنظمة التدريب والدعم المستمرين.
 
تم إقامة أول مراكز صندوق الأفكار في عام 2014 في بوروندي، حيث تجاوز عدد الزيارات لتلك المراكز 24 ألف زيارة خلال ثلاثة أشهر فقط، وتخطى عدد المستخدمين المسجلين حاجز الثلاثة آلاف، مما اعتبر نجاحًا عظيمًا لهذا المشروع التجريبي. ومنذ ذلك الحين، أُقيمت مراكز صندوق الأفكار في مخيمات اللاجئين في بوروندي والأردن وإثيوبيا.
السياق والموضوع
أكدت الأهداف الإنمائية للألفية وأهداف التنمية المستدامة على أن التعليم هو الركيزة الأساسية للتنمية. وبالرغم من ذلك يفتقر الطلاب ومعلموهم في كثير من الأحيان إلى الأدوات والمساحة والبيئة اللازمة لإطلاق قدراتهم. فالغالبية العظمى من أطفال المجتمعات الضعيفة غير ملتحقة بالمدارس أو قد يُلقى بهم في فصول دراسية مكتظة دون توفير المواد الدراسية أو بإتاحة معلمين لم يحصلوا على موارد أو تدريب كافٍ يمكّنهم من بناء مناهجهم الدراسية.
 
ويعدّ هذا أمرًا بالغ الأهمية خصوصًا في حالات الطوارئ، إذ يواجه اللاجئون والنازحون الفارون من الحروب والكوارث الطبيعية تحديات هائلة في سبيل مواصلة تعليمهم. ومع ذلك، فمن الضروري أن يكونوا قادرين على مواصلة التعلم والنمو والالتحاق بالمدارس، من منطلق أنهم سيكونون مساهمين فاعلين في إعادة بناء أوطانهم بعد انتهاء الأزمات.
 
وعلى سبيل المثال، أدى الصراع القائم منذ 5 سنوات في سوريا إلى عواقب وخيمة على حياة الملايين من اللاجئين والنازحين. ويتعرض الأطفال والمراهقون بشكل خاص لكثير من المخاطر تتمثل في التعرض لمستويات عالية من مخاطر العنف والصدمات النفسية نتيجة فقدان مكتسباتهم الاجتماعية، وعلى رأسها الحق في التعليم. وبالنسبة للذين تمكنوا من الفرار إلى البلدان المجاورة، فقد تم الترحيب بهم في مجتمعات ترزح تحت وطأة ضغوط اقتصادية واجتماعية شديدة، وخدمات عامة وبنية تحتية هشة بالفعل. ففي لبنان، على سبيل المثال، يشكل اللاجئون السوريون 25 في المائة من السكان، ما يجعل الحلول التعليمية المؤقتة غير كافية لاستيعاب الزيادة في أعداد الطلاب.
الحل والتأثير
بدأت منظمة مكتبات بلا حدود العمل على تصميم مكتبات خاصة بحالات الطوارئ في هايتي وذلك في أعقاب الزلزال الذي ضربها في يناير 2010. وبناءً على طلب من الشركاء المحليين هناك، تم إنشاء مكتبات صغيرة بداخل الخيام في مخيمات المشردين. وسرعان ما أصبحت هذه المكتبات أماكن آمنة في المخيمات، حيث استطاع الأطفال التمتع بأنشطة التعلم واللعب، كما أصبحت مساحات للتجمع يقصدها البالغون لتبادل المعلومات وإيجاد حلول لمشكلاتهم. ولكن لا يمكن توسيع نطاق هذه المكتبات المؤقتة لتكون أدوات منهجية للاستجابة الإنسانية. وبالتالي تم إنشاء مشروع صندوق الأفكار لتلبية هذا المطلب، في محاولة من شأنها أن تلبي المعايير الوجستية اللازمة في الحالات الإنسانية. ويجب أن تكون هذه المكتبات الميدانية قوية ومانعة لتسرب الماء ومتصلة بمصدر خاص لتوفير الطاقة.
ومن ثم، يعدّ هذا المشروع في الوقت الحالي وسيلةً فريدةً من نوعها في عالم الابتكار في مجال التعليم، باعتباره يمثل مفهومًا متكاملًا يمتاز بتصميم محكم يتيح الوصول إلى الموارد التعليمية والإبداعية في أماكنٍ يندر أو لا يتوفر فيها الحصول على تدريبٍ جيدٍ أو أدواتٍ لمساعدة القائمين على التعليم. ويوفر المشروع بيئة تعليمية آمنة للسكان، إذ يقوم بتزويد الأفراد القائمين على العملية التعليمية والطلاب والأسر بالمناهج والأدوات التربوية المبتكرة القائمة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبالتالي يجمع بين خصائص التعليم الرسمي وغير الرسمي. وتشمل قائمة المشاركين في تقديم محتوى المشروع أكاديمية خان وكورسيرا التي تمثل مركزًا إبداعيًا يهتم بتوفير التعليم التفاعلي والفردي والجماعي وكذا المحتوى المناسب للمستخدم.
 
منذ الانطلاق التجريبي في عام 2014، خضع المشروع للمتابعة المنتظمة، إلى جانب إجراء ثلاثة تقييمات له. وقد أظهرت هذه الإجراءات وجود أربعة تأثيرات تحويلية لمشروع صندوق الأفكار على المستويات الأكاديمية لطلاب المدارس وكذلك على أساليب التدريس التي يتبعها المدربون.
التطورات المستقبلية
تستهدف الخطط المستقبلة لمراكز صندوق الأفكار التوسع من خلال ثلاثة محاور استراتيجية تتمثل في إنشاء عدد أكبر من مراكز صندوق الأفكار، وتأسيس رابطة للشركاء لتقديم محتوى عالي الجودة، وتطوير مجتمع المستخدمين.
 
ويعمل المشروع على أن يصبح نموذجًا تجاريًا لتدفق الإيرادات، وفي الوقت نفسه يسعى عدد من أبرز الوكالات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الكبرى العاملة في المجال الإنساني إلى جعل المشروع أحد السمات القياسية للاستجابة الإنسانية.
May 09, 2019