صندوق رعاية الطفولة في كمبوديا

لمحة عن المشروع

يقدّم صندوق رعاية الطفولة في كمبوديا تعليماً مكثّفاً وعالي الجودة مع خدمات عائلية متكاملة من خلال أربع مدارس داخلية، وأربع مدارس منزلية، ومركز طبي مجتمعي، ومركز للرعاية النهارية وحضانة وبرنامج للعناية بالأمومة وبرامج إعانات. وتوفّر مدارسه الداخلية التي هي سمته المميزة، سكناً آمناً وخدمات الرعاية الصحية ووجبات ساخنة وفرص للتعلم السريع لقرابة 450 طفلاً بين 6-18 سنوات. ويشمل المنهاج مقررات التعليم العام باللغة الكمبودية (الخمير) إضافةً إلى تعليم اللغة الإنجليزية. كما يحصل الأطفال على تدريب في مجال الكمبيوتر والفنون والخدمات الاجتماعية وغيرها من النشاطات التعليمية. كما تتاح لهم فرصة السفر لحضور مؤتمرات عن مهارات القيادة وتعلّم ريادة الأعمال.

أما الأطفال الذين ينتسبون إلى المدارس المنزلية، فتحصل عائلاتهم على حوافز شهرية للحضور المثالي للتعويض عن الاستغناء عن عمل الأطفال. وقد انخفضت نسبة الغياب إلى 3% بفضل هذه الحوافز. كما يحصل بعض الأطفال المعوزين على حساب صندوق اسئتماني يقدم لهم إيداعاً شهرياً وقدره 20 دولاراً إضافةً إلى المكافآت السنوية للعائلات التي يلتزم أطفالها بالحضور بشكل منتظم. كما يتم توجيه بعض العائلات لاتباع ما يعرف بخطة العائلة المستقبلية والتي تمكنهم من تأسيس مشروع استثماري والحصول على قرض بدون فوائد.
 
يعمل المشروع على البدء بعملية تغيير ثقافي تستغرق أجيالاً عدة للانتقال من ثقافة غالباً ما تنظر إلى قيمة الأطفال بوصفهم عمّالاً إلى ثقافة ترى فيهم قادة المستقبل.

السياق والمشكلة

يعمل صندوق رعاية الطفولة في كمبوديا على مساعدة الأطفال في الظروف الفقر المدقع والقسوة والذين يعيشون ويعملون في منطقة ستيونغ مينشي. حيث أنّ هذه المنطقة الواقعة على أطراف العاصمة، بنوم بنه، تعتبر أحد أكثر البيئات فقراً وضرراً في العالم حيث كانت حتى عام 2009 تحتوي على أكبر مكب قمامة للمدينة. وقد تم نقل المكب عام 2009، ولكن النفايات بقيت في المنطقة إضافةً إلى الآلاف من سكّان منطقة ستيونغ مينشي، حيث تناضل تلك العائلات المعوزة لتعتاش على الدخل الضئيل الذي تحصل عليه من بيع المواد القابلة لإعادة التصنيع التي يجمعونها من شوارع العاصمة أو من تلال النفايات التي تحيط بمنطقة المكب سابقاً. وعادةً ما تترافق ظروف الفقر المدقع بمشاكل جمّة كما هو حال كل تلك العائلات.


ويكافح أطفال تلك العائلات المعوزة ليعيشوا بأقل من دولارين يومياً. ويعاني الكثير من العائلات من علل صحية وديونٍ متراكمة وإدمان الكحول والمخدرات والعنف المنزلي. إضافةً إلى ذلك فإن برامج الحكومة الهادفة لمعالجة هذه القضايا لا تزال غير فعّالة مما يحكم على تلك العائلات بالفقر لأجيال قادمة.

ولا يحتل تعليم الأطفال قمة سلّم الأولويات لدى العائلات التي تعاني من تلك المشكلات. فبالرغم من أن التعليم العام مجاني توجد تكاليف أخرى لا يستطيعون تحملها كالقرطاسية والزي المدرسي وإكراميات المدرسين. ولا تزال جودة التعليم في المدارس العامة متدنيةً ولا يستفيد منه الطلاب كثيراً ما لم يدفعوا لقاء دروس خاصة.

يتمتع هؤلاء الأطفال بإمكانيات كبيرة ليكبروا ويحصلوا على تعليم أفضل ويتمتعوا بمستقبل أكثر إشراقاً. ولكن ذلك ممكن فقط عندما تتم إزالة جميع العقبات. فبمجرد معالجة المشكلات الصحية، يتم حل الصعوبات المادية وخفض نسبة العنف المنزلي وتسهيل تغطية تكاليف الدراسة، وعندها يمكن للأطفال وعائلاتهم الالتزام بالتعليم الذي يمثل الجسر الذي سيعبر بهم إلى المستقبل المشرق. ويرتكز المشروع على الإيمان بأنّ حصول طفلٍ واحد على تعليم جيّد يمكّنه من انتشال عائلة كاملة من الفقر.

الحل والأثر

يعتمد صندوق رعاية الطفولة في كمبوديا مقاربةً متعددة الركائز تدمج سلسلةً من المشاريع المترابطة التي تهدف إلى معالجة المشكلات من جذورها. فعلى سبيل المثال، لا يتمكن الكثير من الأطفال من الالتحاق بالمدرسة بسبب التزامات العمل العائلي، ولذلك يعمل المشروع مع عائلاتهم لتوفير دخل أفضل من خلال تقديم القروض أو فرص العمل وغيرها. كما يتمكن الأطفال من التركيز على دراستهم بشكل أفضل عندما يشعرون بالشبع ويتمتعون بصحة جيدة وينعمون بمكان آمن للإقامة. وتعمل المنظمة على إرفاق المشروع بتدريب على القيادة من شأنه رفع شعور الأطفال بالالتزام والثقة والمسؤولية الاجتماعية مما يمكنهم من إيجاد طرق ناجحة للتخلص من الفقر وتخليص عائلاتهم ومجتمعاتهم.

وقد صمم المشروع بحيث يبقى الأطفال مع عائلاتهم، حيث يعمل صندوق رعاية الطفولة في كمبوديا مع الأطفال وعائلاتهم لأن أي تقدم يحرزونه تكون له آثار  وتبعات متبادلة. ويحقق المشروع تأثيراً مستداماً ويخفف من مستوى التبعية إلى الحد الأدنى إذ لا بد للجميع أن يكونوا جزءاً من الحل. يمكن لعائلة مثلاً أن تحصل على قرض إذا عمل أفرادها بجد وتعاونوا لتشجيع طفلهم على الدراسة. وتكمن قوة المشروع أيضاً بالتغيير العام حيث يساعد العائلات على الخروج من دائرة الفقر ويساعد الأطفال ليصبحوا آباء يتحلّون بحس المسؤولية. وتساعد المشاريع المتكاملة، بما فيها التدريب الشامل لمهارات القيادة، على تعزيز ذلك الجانب.

يتمثل أثر هذا المشروع في التغيير السلوكي الذي حدث لدى أغلب عائلات الأطفال التي تدرك الآن أهمية تعليم أطفالها. وبفضل هذا السلوك الإيجابي والعمل الجاد للكوادر المتفانية لعملها، كان من الممكن تحقيق إنجازات مهمة. حيث ارتفع عدد الأطفال الملتحقين بالبرنامج التعليمي من 87 إلى قرابة 2,000 طفل. كما بقيت نسبة النجاح 100% مع معدّل غياب يومي دون 3% ومعدل استمرار في الدراسة يصل إلى 97%. وقد نجح مؤخراً جميع طلاب الثانوية وعددهم 30 في الاختبار الوطني والتحقوا بالجامعة، وقد حصل ستة منهم على منح دراسية كاملة مقدّمة من جامعات مرموقة. أما برنامج التعليم المهني فقد أمّن وظائف جيدة الدخل لجميع خريجيه.

وصل العدد التقديري للمستفيدين حتى اليوم إلى قرابة 2,000 شخص. وقد أدى نجاح المشروع إلى تكراره بتدشين مدرسة منزلية جديدة قرب ستيونغ مينشي في أواخر 2012. وقد تم تطبيق نفس المبادئ في إدارة المدرسة الجديدة التي استوعبت حتى اليوم عدداً كبيراً من الأطفال الذين هم في أمسّ الحاجة للتعليم المجاني. وهكذا فقد ضاعف الصندوق عدد الأطفال الذين يخدمهم بأكثر من 20 ضعفاً خلال أقل من عقدٍ واحد.

التطور المستقبلي

يخطط الصندوق للوصول إلى الهدفين الرئيسيّين التاليين خلال السنوات الخمس القادمة:

1) التشجيع على تعميم النموذج التعليمي من حيث الفائدة المادية والجودة والاستدامة في البيئات الصعبة.
2) توسيع فرص التمويل.
 
ويخطط المشروع لتحقيق الهدف الأول من خلال تعزيز  الاتساق في تطوير المنهج وتطبيقه في مختلف منشآته التعليمية. وسيتطلب ذلك تطوير موارد التعلّم ومراجعة المواد التي يتم تدريسها والنشاطات التعليمية، وتعزيز قدرة الكادر التدريسي والتعليمي والمتابعة المنتظمة للنتائج التعليمية.
 
ويتم تحقيق الهدف الثاني من خلال رفع نسبة كفالة الأطفال وتطوير نماذج تمويل جديدة ومتنوعة بحيث تضمن الاستدامة المالية استمرارية المشروع.

May 09, 2019 (last update 05-09-2019)