المدارس المستدامة مالياً

لمحة عن المشروع


يعتبر التعليم "الجيد" أحد أفضل الطرق للخلاص من الفقر، ولكن في معظم الدول النامية، يعد التعليم الفني والمهني غير جيد وغير متوفر للشباب القادمين من الأسر التي تعاني من الفقر المزمن، مما يجعل كسر حلقة الفقر مهمة صعبة وذلك بسبب مشكلتين رئيسيتين: ١) عدم التوافق بين التعليم الذي يتلقاه الطلاب والمهارات التي يحتاجونها لتحصيل دخل جيد وَ ٢) النقص الدائم للتمويل في المدارس بسبب الدعم الحكومي غير الكافي، وعدم توفر أشكال الدعم الأخرى.
 
إن نموذج المدارس المستدامة مالياً الذي أعدته مؤسسة البرغواي في مدرسة سان فرانسيسكو الزراعية التي تملكها وهي عبارة عن مزرعة/مدرسة داخلية مختلطة للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين ١٥-١٩ سنة في سيرتو، البراغوي، يعالج هذه المشكلات من خلال تزويد الفقراء بتعليم فني/مهني ذو جودة عالية بدون الاعتماد على الدعم الحكومي أو الذي يقدمه المانحون على المدى البعيد أو الرسوم المدرسية المكلفة التي تستبعد الفقراء. وتقوم المؤسسة بذلك من خلال دمج التدريس في الصف مع التعلم الذاتي، وبذلك يتمكن الطلاب من المساعدة في إدارة المشاريع الصغيرة التي تقام داخل المدرسة.
 
تغطي إيرادات هذه المشاريع والإيرادات الأخرى للمدارس ١٠٠% من تكاليفها التشغيلية بما فيها الاستهلاك. ينخرط ١٠٠% من خريجي هذه المدارس بشكل منتج في سوق العمل بعد أربعة أشهر من تخرجهم لأنهم يمتلكون مهاراتٍ مطلوبة محلياً، ويمكن الاستفادة منها في قطاعاتٍ متنوعة، وذات قيمة في مهنٍ مختلفة. 

السياق والمشكلة

يعالج هذا المشروع مشكلة حصول الشباب ذوي الدخل المنخفض على تعليم عالي الجودة وملائم وبتكلفة منخفضة يمكّنهم من العثور على فرص عمل جيدة أو إيجادها والقضاء على الفقر. ويعالج نموذج المدارس المستدامة مالياً هذه المشكلة من خلال إتاحة الفرصة أمام الطلاب للتعلم بالممارسة مع كسب الموارد اللازمة وتوفيرها وتوليدها بهدف دعم مدارسهم. وللتخرج، على كل طالب إعداد خطة عمل لمشروع ما بعد التخرج تؤهله للحصول على قرضٍ صغير. ويتمثل المؤشر الأساسي لقياس نجاح هذا البرنامج في أن 100% من المتخرجين يلتزمون فعلياً، سواء في الدراسة و/أو العمل، خلال أربعة شهور من تخرّجهم.
 
وفقاً لمنظمة العمل الدولية، هناك نحو ٦٠% من الشباب في المناطق النامية إما عاطلين عن العمل أو لا يدرسون أو يمارسون أعمالًا غير دائمة. وهذا يعني أن قرابة ثلثي الشباب في الاقتصادات النامية لا يستفيدون من إمكاناتهم الاقتصادية بشكل كامل. ويسعى نموذج المدارس المستدامة ماليًا إلى تغيير هذا الواقع من خلال تقديم تعليم عالي الجودة ومنخفض التكلفة للشباب ذوي الدخل المنخفض ليتمكنوا، بعد التخرج، من العثور على فرص عمل جيدة وإيجادها. ويستطيع هؤلاء، من خلال هذا النوع من التعليم، كسب دخلٍ جيد وتأسيس أسرٍ سليمة والقضاء على الفقر، وبالتالي، المساهمة في تنمية بلدانهم.

الحل والأثر

والمبدأ المبتكر وراء هذا النموذج هو أن المدارس المخصصة للأسر ذات الدخل المحدود تصبح منخفضة التكلفة، وتقدم لشباب الأسر الفقيرة بشكل مزمن طريقاً للخلاص من الفقر. وكما أظهرت التمويلات بالقروض الصغيرة أن الفقراء يستطيعون تسديد مديونياتهم، مما أحدث ثورة في مجال الخدمات المالية المقدمة للفقراء، كذلك يظهر نموذج المدارس المستدامة مالياً، أنه بإمكان الشباب الفقير تمويل تعليمه في المدارس من خلال مشاريع ربحية تقام في المدارس نفسها. كما أن تركيز هذه المدارس على السوق يؤدي إلى تحسين الجودة العامة للتعليم من خلال ضمان تعلّم الطلاب للمهارات المطلوبة لجني المال في الأسواق المحلية مما يعتبر أيضاً أمراً ثورياً. 
 
سيصبح الطلاب "عناصر منتجة" في غضون أشهر من تخرجهم، أي أنهم يكتسبون مهارات تمكّنهم من إيجاد فرص عمل جيدة في القطاع المنظّم، وإنشاء مشاريعهم الصغيرة الخاصة، ومتابعة دراستهم حتى مستويات عليا، ونشر معارفهم ومهاراتهم بوصفهم وكلاء تجاريين أو موظفي قروض صغيرة أو مدرسين في مدارس أخرى.

التطور المستقبلي

تشمل أهداف المشروع في السنوات القليلة القادمة الاستمرار في تحديد المدارس الشريكة التي تود تبنّي نموذج المدارس المستدامة مالياً، ومساعدتها في تعديله بما يتناسب مع ظروف الدول المعنية وثقافاتها. وبشكلٍ أكثر تحديداً، يهدف المشروع إلى تنفيذ تعهّد مؤسسة الباراغواي الذي تم إطلاقه في مبادرة كلينتون العالمية لتطبيق النموذج في 50 مدرسة و/أو ٥٠ دولة بحلول نهاية عام ٢٠١٧. وفي الوقت نفسه، سيستمر بمساعدة المدارس الأخرى على تبني أساليب "تدريجية" كإنشاء مشروع أو أكثر في المدارس نفسها، يديرها الطلاب والمدرسون لتحسين التحصيل الدراسي للطلاب، وتوليد إيرادات لاستثمارها في برامجها التعليمية.

و لتسريع انتشار هذه التجربة، قامت مؤسسة  الباراغواي بتأسيس منظمة "علّمه كيف يصطاد" غير الحكومية في لندن في عام ٢٠٠٥. وقامت هذه المنظمة ببناء شبكة تضم أكثر من ٣٠٠٠ مؤسسة وفرد مهتم في هذا النموذج، و"بتعليمٍ ذاتي التمويل". وهي تنظم مسابقات تعليمية دولية لتشجيع ريادة الأعمال. وتقوم كلتا المنظمتين بتقديم مساعدة فنية للمدارس الأخرى لتصميم خطط عمل لمشاريع تقام في المدارس وتنفيذها لتشكل أساساً للمناهج المدرسية وتوليد الدخل. يعتمد اختيار المدارس للمشاريع على أصولها والطلب في السوق المحلية والمهارات التي يحتاجها الشباب لإيجاد فرص عمل جيدة وليصبحوا روّاد أعمال ناجحين في هذه الأسواق.

May 09, 2019 (last update 05-09-2019)